فصل: فصلٌ: (حكم عَبَثِ المصلي بِثَوْبِهِ أَوْ بِجَسَدِهِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.فصلٌ: (حكم عَبَثِ المصلي بِثَوْبِهِ أَوْ بِجَسَدِهِ):

(وَيُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْبَثَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِجَسَدِهِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا،وَذَكَرَ مِنْهَا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ، فَمَا ظَنُّك فِي الصَّلَاةِ؟.
الشرح:
فصلٌ: (حكم عَبَثِ المصلي بِثَوْبِهِ أَوْ بِجَسَدِهِ):
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا»، وَذَكَرَ مِنْهَا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ.
قُلْت: رَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ فِي مُسْنَدِ الشِّهَابِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، مُرْسَلًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ، وَالرَّفَثَ فِي الصِّيَامِ وَالضَّحِكَ فِي الْمَقَابِرِ»، انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمِيزَانِ، وَعَدَّهُ مِنْ مُنْكَرَاتِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَحَادِيثِ الشِّهَابِ: هَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَسَعِيدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مَقْطُوعٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ شَامِيٌّ، مِنْ أَهْلِ حِمْصَ، وَلَيْسَ بِالْمَكِّيِّ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
(وَلَا يُقَلِّبُ الْحَصَى) لِأَنَّهُ نَوْعُ عَبَثٍ.
(إلَّا أَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْ السُّجُودِ فَيُسَوِّيَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «مَرَّةً يَا أَبَا ذَرٍّ، وَإِلَّا فَذَرْ» وَلِأَنَّ فِيهِ إصْلَاحَ صَلَاتِهِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ: «قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِي ذَرٍّ فِي تَقْلِيبِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ: مَرَّةً يَا أَبَا ذَرٍّ، وَإِلَّا فَذَرْ».
قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ، قَالَ: «سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى سَأَلْته عَنْ مَسْحِ الْحَصَى، فَقَالَ: وَاحِدَةً، أَوْ دَعْ»، انْتَهَى.
هَكَذَا عَزَاهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِيهِ إلَّا عَنْ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ شَيْخٍ، يُقَالُ لَهُ: هِلَالٌ عَنْ حُذَيْفَةَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ سَوَاءً، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ كَذَلِكَ سَوَاءً، وَلَكِنَّ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: «سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ»، إلَى آخِرِ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى بِهِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَخَالَفَهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، فَرَوَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ؟ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مُرْسَلًا، وَحَدِيثُ الْأَعْمَشِ أَصَحُّ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
رَوَى الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمْسَحْ الْحَصَى، وَأَنْتَ تُصَلِّي، فَإِنْ كُنْت لَا بُدّ فَاعِلًا، فَوَاحِدَةٌ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلَا يَمْسَحْ الْحَصَى، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَحُذَيْفَةَ وَمُعَيْقِيبٍ وَجَابِرٍ، انْتَهَى.
وَأَبُو الْأَحْوَصِ هَذَا، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا الزُّهْرِيُّ، انْتَهَى.
لَكِنْ صَحَّحَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ حَدِيثًا فِي النَّهْيِ عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا بِتَمَامِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ أَبِي سَعْدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسْحِ الْحَصَى، فَقَالَ: وَاحِدَةٌ، وَلَأَنْ تُمْسِكَ عَنْهَا خَيْرٌ لَك مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ، كُلِّهَا سُودُ الْحَدَقِ»، انْتَهَى.
(وَلَا يُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ تُصَلِّي».
الشرح:
الْحَدِيثُ التِّسْعُونَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ تُصَلِّي».
قُلْت: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ»، انْتَهَى.
وَهُوَ مَعْلُولٌ بِالْحَارِثِ، أَخْرَجَهُ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الضَّاحِكُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُلْتَفِتُ، وَالْمُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ بِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ وَزَبَّانَ بْنَ فَائِدٍ وَرِشْدِينَ بْنَ سَعْدٍ وَسَهْلَ بْنَ مُعَاذٍ، كُلَّهُمْ ضُعَفَاءُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ أَوْرَدَهُ فِي حَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ، مُحْتَجًّا بِهِ عَلَى أَنَّ الضَّحِكَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.
(وَلَا يَتَخَصَّرُ) وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْوَضْعِ الْمَسْنُونِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا»، انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ: «نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ»، وَزَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: وَهُوَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، فَقَدْ أَخْرَجَاهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي الِاخْتِصَارِ تَأْوِيلَاتٌ: أَشْهَرُهَا مَا قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ زِيَادِ بْنِ صُبَيْحٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: «صَلَّيْت إلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، وَوَضَعْت يَدِي عَلَى خَاصِرَتِي، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: هَذَا الصَّلْبُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُ»، انْتَهَى.
وَفِي الْبُخَارِيِّ: وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، وَتَقُولُ: إنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ، انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ فِي آخِرِ ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقِيلَ: أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى عَصًا، وَقِيلَ: أَنْ لَا يُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَقِيلَ: أَنْ يَخْتَصِرَ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَا يَلْتَفِتُ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَوْ عَلِمَ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا الْتَفَتَ».
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَوْ عَلِمَ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي، مَا الْتَفَتَ».
قُلْت: غَرِيبٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيّ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ثَنَا نَافِعُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ»، انْتَهَى.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَقُومُ مُصَلِّيًا إلَّا وُكِّلَ بِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ تَعْلَمُ مَا فِي صَلَاتِك، وَمَنْ تُنَاجِي، مَا الْتَفَتَّ»، انْتَهَى.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ الرَّمْلِيِّ عَنْ حَوْشَبٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُصَلِّي يَتَنَاثَرُ عَلَى رَأْسِهِ الْخَيْرُ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ إلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، وَمَلَكٌ يُنَادِي: لَوْ يَعْلَمُ هَذَا الْعَبْدُ مَنْ يُنَاجِي، مَا انْفَتَلَ»، انْتَهَى.
قَالَ: وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ هَذَا رَوَى عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، كَانَ ابْنُ مَعِينٍ يُوَثِّقُهُ، وَهُوَ عِنْدِي لَا شَيْءَ فِي الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ هَذَا بِعَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ الثَّقَفِيِّ، سَاكِنِ مَكَّةَ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الثَّقَفِيَّ مَاتَ قَبْلَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبَى الثَّوْرِيُّ أَنْ يَشْهَدَ جِنَازَتَهُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى كَانَ طِفْلًا صَغِيرًا. انتهى.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ، وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ: وَأَبُو الْأَحْوَصِ هَذَا، لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَهُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ، وَقِيلَ: مَوْلَى بَنَى غِفَارٍ، لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْكَرَابِيسِيُّ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: هُوَ فِيهِ جَهَالَةٌ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَبُو دَاوُد، فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَهُ. انتهى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ،فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرِيضَةِ»، انْتَهَى.
وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. انتهى.
(وَلَوْ نَظَرَ بِمُؤْخِرِ عَيْنَيْهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ لَا يُكْرَهُ) «لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ فِي صَلَاتِهِ بِمُوقِ عَيْنَيْهِ».
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ فِي صَلَاتِهِ بِمُوقِ عَيْنَيْهِ».
قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْحَظُ فِي الصَّلَاةِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ».انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ مَرْفُوعًا، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ: وَقَدْ خَالَفَ وَكِيعٌ الْفَضْلَ بْنَ مُوسَى فِي رِوَايَتِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ بِهِ مُرْسَلًا، وَقَالَ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ مُسْنَدًا مِثْلُ مَا رَوَاهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ بِهِ مُتَّصِلًا، وَغَيْرُهُ يُرْسِلُهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ وَكِيعٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ بِهِ، فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا، لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ وَثَوْرَ بْنَ زَيْدٍ ثِقَتَانِ، وَعِكْرِمَةُ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مِنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَنَزِيِّ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا صَلَّى يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ فِي الصَّلَاةِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَا يَلْتَفِتُ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِمِنْدَلٍ، وَضَعَّفَهُ عَنْ النَّسَائِيّ وَالسَّعْدِيِّ وَابْنِ مَعِينٍ، وَلَيَّنَهُ هُوَ، وَقَالَ: إنَّهُ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، انْتَهَى.
وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ بِمُؤْخِرِ عَيْنَيْهِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْحَدِيثِ، وَإِلَى مَقْصُودِهِ أَيْضًا، إذْ لَا يُمْكِنُ الْمُلَاحَظَةُ بِمُوقِ الْعَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا شَيْءٌ مِنْ الِالْتِفَاتِ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «خَرَجْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ، فَلَمَحَ بِمُؤَخِّرِ عَيْنَيْهِ، رَجُلًا لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَقَالَ: إنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ»، انْتَهَى.
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَسَنَدُ ابْنِ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُلَازِمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهُ.
(وَلَا يُقْعِي، وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ) لِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «نَهَانِي خَلِيلِي عَنْ ثَلَاثٍ: أَنْ أَنْقُرَ نَقْرَ الدِّيكِ، وَأَنْ أُقْعِيَ إقْعَاءَ الْكَلْبِ، وَأَنْ افْتَرَشَ افْتِرَاشَ الثَّعْلَبِ» وَالْإِقْعَاءُ: أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ نَصْبًا، هُوَ الصَّحِيحُ (وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ بِلِسَانِهِ) لِأَنَّهُ كَلَامٌ (وَلَا بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ سَلَامٌ مَعْنًى، حَتَّى لَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ التَّسْلِيمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ.
الشرح:
قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ بِلِسَانِهِ، وَلَا بِيَدِهِ، لِأَنَّهُ كَلَامٌ مَعْنًى، حَتَّى لَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ التَّسْلِيمِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ.
قُلْت: أَجَازَ الْبَاقُونَ رَدَّ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ، وَلَنَا حَدِيثٌ جَيِّدٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَشَارَ فِي الصَّلَاةِ إشَارَةً تُفْهَمُ أَوْ تُفْقَهُ فَقَدْ قَطَعَ الصَّلَاةَ»، انْتَهَى.
وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ بِابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَبُو غَطَفَانَ مَجْهُولٌ، وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، فَقَالَ: أَبُو غَطَفَانَ، هُوَ ابْنُ طَرِيفٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ مَالِكٍ الْمُرِّيِّ، قَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ فِيهِ: ثِقَةٌ، وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي الْكُنَى: أَبُو غَطَفَانَ ثِقَةٌ، قِيلَ: اسْمُهُ سَعْدٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ «مَنْ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ إشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ»؟ فَقَالَ: لَا يَثْبُتُ إسْنَادُهُ، لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد: أَبُو غَطَفَانَ مَجْهُولٌ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ نَابِلٍ صَاحِبِ الْعَبَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: «مَرَرْت بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْت عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ إشَارَةً، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ، قَالَ: إشَارَةً بِإِصْبَعِهِ»، انْتَهَى.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «قُلْت لِبِلَالٍ: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: إسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اخْتَصَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ الْحَدِيثِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ضَعُفَ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ»، وَأَدْخَلَهُ فِي بَابِ مَنْ كَانَ يُشِيرُ بِإِصْبَعَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَوْهَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَشَارَ بِيَدِهِ فِي التَّشَهُّدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ حِبَّانَ: إنَّمَا كَانَتْ إشَارَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، يُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: «كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَلَمْ يَقُلْ: فَأَشَارَ إلَيْنَا»، وَكَذَا حَدِيثُ جَابِرٍ: «أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْك إلَّا أَنِّي كُنْت أُصَلِّي»، فَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ جَائِزًا لَفَعَلَهُ، وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا: بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْإِشَارَةِ لَوْ لَمْ تَكُنْ بَعْدَ نَسْخِهِ لَرَدَّ بِاللَّفْظِ إذْ الرَّدُّ بِاللَّفْظِ وَاجِبٌ، إلَّا لِمَانِعٍ، كَالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَدَّ بِالْإِشَارَةِ، عُلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْكَلَامِ، قَالُوا: وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ، فَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الرَّدِّ فِيهِ الرَّدُّ بِالْكَلَامِ، بِدَلِيلِ لَفْظِ ابْنِ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «وَقَدْ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ»، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ: «نَهَانِي خَلِيلِي عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ نَقْرِ الدِّيكِ وَأَنْ أُقْعِيَ إقْعَاءَ الْكَلْبِ وَأَنْ أَفْتَرِشَ افْتِرَاشَ الثَّعْلَبِ»، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: «افْتِرَاشَ السَّبُعِ».
قُلْت: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ، وَإِقْعَاءٍ، كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ»، انْتَهَى.
وَالْمُصَنِّفُ احْتَجَّ بِهِ عَلَى حُكْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: كَرَاهِيَةُ الْإِقْعَاءِ.
وَالْآخَرُ: كَرَاهَةُ الِافْتِرَاشِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ ذِكْرُ الِافْتِرَاشِ، لَكِنَّهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحِ، وَفِيهِ: «وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَأَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ».
وَفِي النَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، لَا تُقْعِ إقْعَاءَ الْكَلْبِ»، انْتَهَى.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَمِنْهَا عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا رَفَعْت رَأْسَك مِنْ السُّجُودِ، فَلَا تُقْعِ، كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ، ضَعْ أَلْيَتَيْك بَيْنَ قَدَمَيْك، وَالْزَقْ ظَهْرَ قَدَمَيْك بِالْأَرْضِ» انْتَهَى.
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَمِنْهَا عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِقْعَاءِ فِي الصَّلَاةِ»، انْتَهَى.
رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ تَصْحِيحُ الْحَاكِمِ لِسَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: قَالَ الْحَافِظُ: لَيْسَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْإِقْعَاءِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، إلَّا حَدِيثَ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ»، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلَكِنْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ، قَالَ: هِيَ السُّنَّةُ، فَقُلْنَا لَهُ: إنَّا نَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ، فَقَالَ: بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ، كَانُوا يُقْعُونَ، وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْإِقْعَاءَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مُسْتَحَبٌّ، وَالْآخَرُ: مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ وَيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَرُكْبَتَاهُ فِي الْأَرْضِ، فَهَذَا الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَفَعَلَتْهُ الْعَبَادِلَةُ، نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَقَدْ بَسَطْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ مِنْ الْمُهِمَّاتِ، وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ جَمَاعَةٌ لِتَوَهُّمِهِمْ أَنَّ الْإِقْعَاءَ نَوْعٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّ الْأَحَادِيثَ فِيهِ مُتَعَارِضَةٌ، حَتَّى ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْسُوخٌ، وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْجَمْعُ، وَلَا تَارِيخَ، فَكَيْفَ يَصِحُّ النَّسْخُ؟، انْتَهَى.
(وَلَا يَتَرَبَّعُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ) لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْقُعُودِ.
(وَلَا يَعْقِصُ شَعْرَهُ) وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ شَعْرَهُ عَلَى هَامَتِهِ وَيَشُدُّهُ بِخَيْطٍ أَوْ بِصَمْغٍ لِيَتَلَبَّدَ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ مَعْقُوصٌ» (وَلَا يَكُفَّ ثَوْبَهُ) لِأَنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ، سَمِعْت أَبَا سَعِيدٍ، يَقُولُ: رَأَيْت «أَبَا رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رَأَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ: وَهُوَ يُصَلِّي، وَقَدْ عَقَصَ شَعْرَهُ، فَأَطْلَقَهُ، وَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ، وَهُوَ عَاقِصٌ شَعْرَهُ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُد، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ «رَأَى أَبَا رَافِعٍ، مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ يُصَلِّي قَائِمًا، وَقَدْ غَرَزَ ضَفْرَهُ فِي قَفَاهُ، فَحَلَّهَا أَبُو رَافِعٍ، فَالْتَفَتَ حَسَنٌ إلَيْهِ مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو رَافِعٍ: أَقْبِلْ عَلَى صَلَاتِك، وَلَا تَغْضَبْ، فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ذَاكَ كِفْلُ الشَّيْطَانِ»، انْتَهَى.
وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ كَذَلِكَ،إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: عَنْ أَبِي رَافِعٍ، لَمْ يَقُلْ: إنَّهُ رَأَى أَبَا رَافِعٍ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُخَوَّلُ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا سُفْيَانُ بِهِ، سَنَدًا وَمَتْنًا، وَزَادَ: قَالَ إِسْحَاقُ: قُلْت لِلْمُؤَمَّلِ بْنِ إسْمَاعِيلَ: أَفِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ؟، فَقَالَ: بِلَا شَكٍّ، هَكَذَا كَتَبْته مِنْهُ إمْلَاءً بِمَكَّةَ. انتهى.
وَبِهَذَا السَّنَدِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ، قَالَ: وَوَهَمَ الْمُؤَمَّلُ فِي ذِكْرِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَغَيْرُهُ لَا يَذْكُرُهَا، وَرَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، وَهُوَ أَصَحُّهُمَا إسْنَادًا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْعِلَلِ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أَبُو حُذَيْفَةَ وَمُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُخَوَّلِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَغَيْرُهُمَا يَرْوِيهِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُخَوَّلِ، وَلَا يَذْكُرُ أُمَّ سَلَمَةَ، وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَشَرِيكٌ عَنْ مُخَوَّلٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ: سَأَلْت أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْمُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُخَوَّلٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ»، فَقَالَ أَبِي: أَخْطَأَ مُؤَمَّلٌ إنَّمَا رُوِيَ عَنْ مُخَوَّلٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، انْتَهَى.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ مُشْكِلُ الْآثَارِ: يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ شَاهَدَ مِنْ أَبِي رَافِعٍ قِصَّةَ الْحَسَنِ هَذِهِ، فَإِنَّ وَفَاةَ أَبِي سَعِيدٍ كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَتْ وَفَاةُ عَلِيٍّ قَبْلَ ذَلِكَ بِخَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَوَفَاةُ أَبِي رَافِعٍ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَلِيٌّ كَانَ وَصِيَّ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَهَذَا الَّذِي اسْتَبْعَدَهُ الطَّحَاوِيُّ لَيْسَ بِبَعِيدٍ، فَإِنَّ الْمَقْبُرِيَّ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، عَلَى مَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تُوُفِّيَ أَبُو رَافِعٍ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَقِيلَ: فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ، وَهُوَ أَصَحُّ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ، وَذَلِكَ إذَا سَلَّمْنَا أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَأَنَّ بَيْنَ وَفَاتِهِ وَوَفَاةِ عَلِيٍّ خَمْسًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، لِأَنَّ عَلِيًّا مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُضِيفَ إلَى ذَلِكَ أَيَّامَهُ، وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ وَتِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَأَيَّامُ عُثْمَانَ، وَهِيَ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَنَةً، فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، غَيْرَ رُبُعٍ، فَجَاءَ الْجَمِيعُ مِائَةَ سَنَةٍ، وَسَنَتَيْنِ، فَلْيُفْرَضْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ سِنُّ مَنْ يَضْبِطُ، كَثَمَانِ سِنِينَ، أَوْ نَحْوِهَا، فَهَذِهِ مِائَةُ سَنَةٍ، وَعَشْرٌ، فَيَحْتَاجُ سِنُّ أَبِي سَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَدْرُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، وَهَذَا شَيْءٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ، وَلَا ذُكِرَ بِهِ، قَالَ: فَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ وَفَاةَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، لَمْ تَكُنْ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ، إلَّا الطَّحَاوِيَّ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ فِي وَفَاتِهِ، إمَّا سَنَةَ مِائَةٍ، كَمَا حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ ذَيْلِ الْمُذَيَّلِ، وَقَالَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، وَإِمَّا فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، كَمَا قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَكَانَتْ وَفَاةُ الْوَلِيدِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ، وَإِمَّا فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيّ، فَلْيُنَزَّلْ عَلَى أَبْعَدِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: سَنَةَ مِائَةٍ، حَتَّى يَكُونَ بَيْنَ وَفَاتِهِ وَوَقْتِ حَيَاةِ أَبِي رَافِعٍ سِتُّونَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرُ بِقَلِيلٍ، وَهَذَا لَا بُعْدَ فِيهِ، وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى تَقْدِيرِ سَمَاعِهِ مِنْ عُمَرَ، فَإِنَّهُ وَإِنْ حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ، مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِإِسْنَادِهِ.
وَاَلَّذِي قَالَهُ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ: إنَّهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ، وَهَذَا لَا يُنْكَرُ، فَإِنَّهُ قَدْ يُرْسِلُ عَنْهُ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ: إنَّ الْمَقْبُرِيَّ لَا يَبْعُدُ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، وَقَالَ فِيهِ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ رَأَى أَبَا رَافِعٍ مَرَّ بِالْحَسَنِ، فَفِي هَذَا اللَّفْظِ، أَنَّهُ رَأَى هَذَا الْفِعْلَ مِنْ أَبِي رَافِعٍ، وَشَاهَدَهُ، وَلَكِنْ فِي إسْنَادِهِ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، وَلَا أَعْرِفُ، وَلَا أَعْرِفُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ ابْنِ جُرَيْجٍ انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت: قَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا، وَفِيهِ: رَأَيْت أَبَا رَافِعٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَمُخَوَّلُ بْنُ رَاشِدٍ ثِقَةٌ، أَخْرَجَا لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَأَخْرَجَ لَهُ الْبَاقُونَ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، وَأَنْ لَا أَكُفَّ شَعْرًا، وَلَا ثَوْبًا»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ كُرَيْبٌ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي، وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ، فَقَامَ وَرَاءَهُ، فَجَعَلَ يَحِلُّهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، أَقْبَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَا لَك وَلِرَأْسِي؟ قَالَ: إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي، وَهُوَ مَكْتُوفٌ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْقِصْ شَعْرَك فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ كَغَلِّ الشَّيْطَانِ» انْتَهَى.
(وَلَا يَسْدُلُ ثَوْبَهُ) لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «نَهَى عَنْ السَّدْلِ» وَهُوَ: أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَكَتِفَيْهِ، ثُمَّ يُرْسِلُ أَطْرَافَهُ مِنْ جَوَانِبِهِ.
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ» زَادَ أَبُو دَاوُد: «وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ».
انْتَهَى.
وَرَوَاهُ بِالزِّيَادَةِ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَا فِيهِ: تَغْطِيَةَ الرَّجُلِ فَاهُ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِدُونِ الزِّيَادَةِ، عَنْ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ، انْتَهَى.
قُلْت: قَدْ تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، كَمَا تَقَدَّمَ لِأَبِي دَاوُد، وَتَابَعَهُ أَيْضًا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيِّ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، فَذَكَرَهُ، وَرِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، إلَّا الْبَكْرَاوِيَّ، فَإِنَّهُ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ.
وَغَيْرُهُمَا، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَسَنَ الرَّأْيِ فِيهِ، وَرَوَى عَنْهُ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَسَنَدُ أَبِي دَاوُد فِيهِ الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ، ضَعَّفَهُ، ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، لَكِنْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَسَنَدُ التِّرْمِذِيِّ، فِيهِ عِسْلُ بْنُ سُفْيَانَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَسُكُونِ السِّينِ، الْمُهْمَلَتَيْنِ هُوَ: ابْنُ سُفْيَانَ التَّمِيمِيُّ، الْيَرْبُوعِيُّ، الْبَصْرِيُّ، كُنْيَتُهُ أَبُو قُرَّةَ، ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ النَّخَعِيّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ سَدَلَ ثَوْبَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَضَمَّهُ»، وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَطَعَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَعَطَفَهُ، انْتَهَى.
(وَلَا يَأْكُلُ، وَلَا يَشْرَبُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ (فَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَحَالَةُ الصَّلَاةِ مُذَكِّرَةٌ.
(وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ مُقَامُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ وَسُجُودُهُ فِي الطَّاقِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الطَّاقِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ صَنِيعَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ تَخْصِيصِ الْإِمَامِ بِالْمَكَانِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سُجُودُهُ فِي الطَّاقِ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ عَلَى الدُّكَّانِ) لِمَا قُلْنَا (وَكَذَا عَلَى الْقَلْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) لِأَنَّهُ ازْدِرَاءٌ بِالْإِمَامِ.
(وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ إلَى ظَهْرِ رَجُلٍ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ) لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رُبَّمَا كَانَ يَسْتَتِرُ بِنَافِعٍ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ.
الشرح:
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رُبَّمَا كَانَ يَسْتَتِرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِنَافِعٍ.
قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، إذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ، قَالَ لِي: وَلِّنِي ظَهْرَك. انتهى.
وَرَوَى أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُقْعِدُ رَجُلًا، وَيُصَلِّي خَلْفَهُ، وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ الرَّجُلِ. انتهى.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ النَّهْيِ خَلْفَ النَّائِمِ وَالْمُتَحَدِّثِ، فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلَا الْمُتَحَدِّثِ»، انْتَهَى.
فِي سَنَدِ أَبِي دَاوُد رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَفِي سَنَدِ ابْنِ مَاجَهْ أَبُو الْمِقْدَامِ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ، لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَسَطَ الْقَوْلَ فِيهِ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى، وَعَائِشَةُ نَائِمَةٌ، مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ بَكْرٍ ثَنَا أَبِي عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نُهِيت أَنْ أُصَلِّيَ إلَى النِّيَامِ، وَالْمُتَحَدَّثِينَ» وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إلَّا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. انتهى.
وَرُوِيَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ ثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي إلَى رَجُلٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي صَلَّيْت، وَأَنْتَ تَنْظُرُ إلَيَّ»، انْتَهَى.
قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَحْفَظُهُ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْمُصَلِّيَ كَانَ مُسْتَقْبِلَ الرَّجُلِ، فَوَجَّهَهُ، فَلَمْ يَتَنَحَّ عَنْ حِيَالِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
(وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ مُعَلَّقٌ أَوْ سَيْفٌ مُعَلَّقٌ) لِأَنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ، وَبِاعْتِبَارِهِ تَثْبُتُ الْكَرَاهَةُ.
(وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ) لِأَنَّهُ فِيهِ اسْتِهَانَةٌ بِالصُّوَرِ (وَلَا يَسْجُدُ عَلَى التَّصَاوِيرِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الصُّورَةِ، وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ الْمُصَلَّى مُعَظَّمٌ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ رَأْسِهِ فِي السَّقْفِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِحِذَائِهِ تَصَاوِيرُ أَوْ صُوَرٌ مُعَلَّقَةٌ) لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ: «إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ» وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ لَا يُكْرَهُ، لِأَنَّ الصِّغَارَ جِدًّا لَا تُعْبَدُ (وَإِذَا كَانَ التِّمْثَالُ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ) أَيْ مَمْحُوَّ الرَّأْسِ (فَلَيْسَ بِتِمْثَالٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ بِدُونِ الرَّأْسِ، وَصَارَ كَمَا إذَا صَلَّى إلَى شَمْعٍ أَوْ سِرَاجٍ، عَلَى مَا قَالُوا (وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى وِسَادَةٍ مُلْقَاةٍ أَوْ عَلَى بِسَاطٍ مَفْرُوشٍ لَا يُكْرَهُ) لِأَنَّهَا تُدَاسُ وَتُوطَأُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْوِسَادَةُ مَنْصُوبَةً، أَوْ كَانَتْ عَلَى السُّتْرَةِ، لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهَا، وَأَشَدُّهَا كَرَاهِيَةً أَنْ تَكُونَ أَمَامَ الْمُصَلِّي، ثُمَّ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ، ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ عَلَى شِمَالِهِ، ثُمَّ خَلْفَهُ.
(وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ تَصَاوِيرُ يُكْرَهُ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ حَامِلَ الصَّنَمِ، وَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهَا، وَتُعَادُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَلَا يُكْرَهُ تِمْثَالُ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ) لِأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ: حَدِيثُ جَبْرَائِيلَ: «إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي بَابِ إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ، وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ، فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّ أَبِيهِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «وَاعَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبْرَائِيلَ، فَرَاثَ عَلَيْهِ أَيْ أَبْطَأَ، حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَهُ، فَقَالَ: إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ: فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي اللِّبَاسِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا، فَقَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ: قَدْ اسْتَنْكَرْت هَيْئَتَك مُنْذُ الْيَوْمِ، قَالَ: إنَّ جَبْرَائِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِيَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَلْقَنِي، ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوٌ كَلْبٌ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا لَقِيَهُ جَبْرَائِيلُ، قَالَ: إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا صُورَةٌ، فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، حَتَّى أَنَّهُ لَيَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ، وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ»، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهَا، قَالَتْ: «وَاعَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبْرَائِيلُ فِي سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا، فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ، وَلَمْ يَأْتِهِ، وَفِي يَدِهِ عَصًا فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ، وَقَالَ: مَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَا رُسُلَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا جِرْوٌ كَلْبٌ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ مَتَى دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ هَاهُنَا؟ فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا دَرَيْت فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ، فَجَاءَ جَبْرَائِيلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاعَدْتَنِي، فَجَلَسْتُ لَك، فَلَمْ تَأْتِ فَقَالَ: مَنَعَنِي الْكَلْبُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِكَ إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سُهَيْلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»، انْتَهَى.
لِمُسْلِمٍ، وَلِبَعْضِهِمْ فِيهِ قِصَّةٌ، وَزَادَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: يُرِيدُ صُورَةَ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْوَاحُ، ذَكَرَهُ فِي الْمَغَازِي فِي بَابِ شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَا يَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ وَلَا جُنُبٌ»، انْتَهَى.
لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ مَاجَهْ فِيهِ: الْجُنُبَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَجِيٍّ فِيهِ مَقَالٌ، وَزَادَ أَحْمَدُ فِيهِ «وَلَا صُورَةُ رُوحٍ»، وَلِشَيْخِنَا عَلَاءِ الدِّينِ هَاهُنَا وَهْمَانِ، قَلَّدَ فِيهِمَا غَيْرَهُ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَعْزُ الْحَدِيثَ إلَّا لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ، وَهَذَا لَفْظُهُمَا عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جَبْرَائِيلُ، فَقَالَ لِي: أَتَيْتُك الْبَارِحَةَ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَدْخُلَ، إلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ، فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ، فَلْيُقْطَعْ، فَيُصَيَّرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ، فَلْيُقْطَعْ وَلْيُجْعَلْ فِيهِ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ تُوطَآنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا الْكَلْبُ لِلْحَسَنِ، أَوْ لِلْحُسَيْنِ، كَانَ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمْ، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ»، انْتَهَى.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي اللِّبَاسِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَخْصُوصٌ بِجَبْرَائِيلَ، فِي وَاقِعَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَلَيْسَ هَذَا حَدِيثُ الْكِتَابِ لَا لَفْظًا، وَلَا مَعْنًى، وَيَا لَيْتَهُ ذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى شَيْءٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِمَقْصُودِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ رَأْسِهِ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ بِحِذَائِهِ تَصَاوِيرُ، أَوْ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَلَا بَأْسَ، لِأَنَّ فِيهِ اسْتِهَانَةً بِالصُّورَةِ، فَالْحَدِيثُ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ صُورَةٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالصُّورَةِ الْمُعَلَّقَةِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «اسْتَأْذَنَ جَبْرَائِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اُدْخُلْ، فَقَالَ: كَيْفَ أَدْخُلُ، وَفِي بَيْتِك سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ؟ إمَّا أَنْ تَقْطَعَ رُءُوسَهَا، أَوْ يُجْعَلَ بِسَاطًا يُوطَأُ، فَإِنَّا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَلَفْظُهُ: «فَإِنْ كُنْت لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاقْطَعْ رُءُوسَهَا، أَوْ اقْطَعْهَا وَسَائِدَ، أَوْ اجْعَلْهَا بُسُطًا»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا، فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: فَاِتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَكَانَتَا فِي الْبَيْتِ تَجْلِسُ عَلَيْهِمَا».
زَادَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: «فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا، وَفِيهَا صُورَةٌ».
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي «التَّمَاثِيلِ، أَنَّهُ رَخَّصَ فِيمَا كَانَ يُوطَأُ، وَكَرِهَ مَا كَانَ مَنْصُوبًا»، انْتَهَى.
وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ إلَّا سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، انْتَهَى.
(وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّ فِيهِ إزَالَةَ الشُّغْلِ، فَأَشْبَهَ دَرْءَ الْمَارِّ وَيَسْتَوِي جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْحَيَّاتِ، هُوَ الصَّحِيحُ، لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالتِّسْعُونَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ: الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ السَّبْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَفِي النَّوْعِ السِّتِّينَ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، سَمِعَ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ، مَا يَقْتُلُ الرَّجُلُ مِنْ الدَّوَابِّ، وَهُوَ مُحْرِمٌ؟، فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْفَأْرَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحَيَّةِ، قَالَ: وَفِي الصَّلَاةِ أَيْضًا»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ أَبِي الْمِقْدَامِ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شَرَفًا، وَإِنَّ شَرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اُسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ، وَاقْتُلُوا الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ، وَإِنْ كُنْتُمْ فِي صَلَاتِكُمْ»، مُخْتَصَرٌ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ مَعْلُولٌ بِهِشَامٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَسَعَتْنِي عَقْرَبٌ، ثُمَّ قَالَ: إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ عَقْرَبًا، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلْيَقْتُلْهَا بِنَعْلِهِ الْيُسْرَى».
انْتَهَى.
قَالَ أَبُو دَاوُد: سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَمْ يُدْرِكْ الْعَدَوِيِّ. انتهى.
وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَأَوْرَدَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَدِيثَ مُسْلِمٍ، وَمُرْسَلَ أَبِي دَاوُد، وَلَمْ يُورِدْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي كِتَابِ الْإِمَامِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا حَدِيثَ السُّنَنِ، فَقَطْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ الْيَسِيرَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ: «فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ»، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّفْخَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ: ثُمَّ نَفَخَ فِي آخِرِ سُجُودِهِ: أُفٍّ، أُفٍّ» الْحَدِيثَ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، فَقَالَ: بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ النَّفْخِ فِي الصَّلَاةِ، وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «نَفَخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُجُودِهِ فِي كُسُوفٍ»، انْتَهَى.
وَفِي مَنْعِهِ حَدِيثَانِ، أَخْرَجَهُمَا الْبَيْهَقِيُّ: أَحَدُهُمَا: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ الْأَزْهَرِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غُلَامٍ لَنَا، يُقَالُ لَهُ: رِيَاحٌ، فَرَآهُ سَجَدَ، فَنَفَخَ، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رِيَاحُ لَا تَنْفُخْ، فَإِنَّهُ مَنْ نَفَخَ، فَقَدْ تَكَلَّمَ».
وَالثَّانِي: عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ: «مَنْ أَلْهَاهُ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ، فَذَاكَ حَظُّهُ، وَالنَّفْخُ كَلَامٌ».
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْأَوَّلُ: ضَعِيفٌ وَالثَّانِي: أَضْعَفُ مِنْهُ.
وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الْمُفَرَّقَةَ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ، بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي، وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ، بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
أَحَادِيثُ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ، وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ، وَلَا يُعَجِّلَنَّ، حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ»، زَادَ الْبُخَارِيُّ: «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ، وَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَا عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَا عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ، وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ»، انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ: «إذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ،قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا، وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْقَمَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْخَلَاءِ، وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَلْيَبْدَأْ بِالْخَلَاءِ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجُوا، إلَّا النَّسَائِيّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي حَيٍّ عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ: لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا، فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ، فَقَدْ خَانَهُمْ، وَلَا يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ فَعَلَ، فَقَدْ دَخَلَ، وَلَا يُصَلِّي، وَهُوَ حَقِنٌ، حَتَّى يَتَخَفَّفَ» انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ، وَهُوَ حَاقِنٌ، حَتَّى يَتَخَفَّفَ»، انْتَهَى.
وَفِيهِ رَجُلٌ فِيهِ جَهَالَةٌ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَبُو دَاوُد.
(وَيُكْرَهُ عَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحَاتِ بِالْيَدِ فِي الصَّلَاةِ) وَكَذَلِكَ عَدُّ السُّوَرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ جَمِيعًا، مُرَاعَاةً لِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَالْعَمَلِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، قُلْنَا: يُمْكِنُهُ أَنْ يَعُدَّ ذَلِكَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَيَسْتَغْنِي عَنْ الْعَدِّ بَعْدَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.